الأحد، 12 يناير 2014

الفكي نصر من سميت عليه مقبرة سنجه


الفكي نصر

وقف الرجل  بشعره المبروم الذي لم يغشاها المشط ابدا وبجلبابه القديم البالي من كثرة غسله وهو يسحب خيوط شراكه من النيل امام كوخه المبنى  من القش علي ضفاف النيل عند حافة المياه  علي الرمال حافي القدمين وكان صيده عدد من الاسماك اختبر احدها وقال الحمد لله ثم خلص باقي اسماكه من سنارته واعادها للنيل  زهدا في اسراف يقوده للمذموم .

كان الرجل الذي عاش من صغره  مطلقا الدنيا هائما في ملكوته الله درويشا لاتجد في لسانه إلا لا اله الله محمد يارسول وسبحان الله والحمد لله . يمضي في حياته التى قضي معظمها علي ضفاف النيل  منقطعا عن الناس متفرغا لعبادة الله وكان رزقه ياتيه من النيل يرمي شراكه وينتظرها فتجود عليه بما تجود وكان لا يأخذ منها الا مايكفيه ويعيد الباقي الي النيل .

كان الرجل يمضي في عبادته وعندما يريد ان يخلوا الي نفسه يختار كهفا من الكهوف التى حفرها الموج علي الشاطي ويدخل نفسها فيها ومعه كمية من حبوب الدخن كان قد اشتراها بما يجمعه من ساقط اخشاب الغابة فيعطنها في الماء في قرعة  ويقتات عليها ويشرب من مائها ولا يخرج الا ليلا ليقضي حاجة ويغتسل ثم يعود الي خلوته.

كان الرجل يتحدث مع الناس الذين كان عندما يذهب للسوق يتحلقون حوله ويحدثونه ويلتمسون من البركة لكنه كان يرد عليهم ردودا بعد ان ينظر الي الافق كانه يقرأ في حجب الغيب واغلب ردوده كان الناس لايفهمون قصده منها ولكنها في اغلبها نبؤات قد تتحقق يوما ماء .

قال لي محدثى ان الرجل لا يعرف متعة في الدنيا غير الذكر والعبادة حتى انه لايستعمل السكر او الملح يشرب من ماء النيل ويأكل الاسماك والدخن الحب .وان لايقبل صدقة او حسنة من احد. ودائما كان نظيف الثياب ونظيف الجسم .

يقال والعهد علي الراوي ان شخصا كان يعمل في السوق ويحب السهر ويغشي اطراف المدينة يمضي فيها ليله بين سماره وبنات الليل وخرج وهو ثمل ولم يعرف الطريق الي بيته فمر علي ضريحه ودخل وقال لقد امنت نفسي ومالي اليك تحفظنى حتى الصباح ونام  فلم يصحو الا والنهار انتصف فتفقد جيوبه وما عنده فوجدها كاملة فحمد الله وخرج وعند خروجه من منطقة المقابر قابله رجل فقال له لا تذهب تانى مكان ما كنت امس وانصرف . وذهب الي منزله وفي اليوم الثانى عصرا عاوده الحنين فلبس ملابسه وخرج وفي الطريق قابله نفس الشخص الذي سبق وان تحدث معه عند خروجه بالامس من المقابر قال له قال ليك ما تمشي  فسأله منو القال لي قال ليه ذلك الرجل واشار الي اول الشارع فرأي الشيخ يمضي في طريقه  معطيه ظهر ثم اخذ اللفة فجري ليلحق به ولكنه لم يجده وكان هذا خر يوم للرجل مع السهرات الحمراء.وقد التقيت بصاحب القصة التى امن علي الرواية وقال لي لم يحدث ان مر علي المقابر ولم يز قبره ورغم ان الرجل قد فات عمره الثمانون الا انه قال انه لا يحزنه الا عدم قدرته علي زيارته كما كان يفعل .

ويحكي الناس أيضا  ان رجلا كان يحب زوجته حبا كبير ولكنها كانت عاقرا لا تلد وهو لا يريد ان ياتى لها بزوجه اخري وكان يتمنى لو تنجب هي وهو في اشد الشوق للانجاب  فقابل الشيخ في الطريق فقال له  انا احب زوجتى ولكنها لا تلد فاعطينى الفاتحة علا الله يستجيب فانت رجل بركة  فقال له انت تريد ولد ولا بنت فقال له لو بالتمنى انا عاوز تيمان اولاد فكان الرجل يحمل تمرا فاخذ منه الشيخ تمرتين وأعطاها اياه وقال له أعطيها لزوجتك والطير بجي في الخريف وذهب .

ذهب الرجل لزوجته وكانت تجلس مع اختها وحكي لها ما دار بينه وبين الفكي نصر واعطاها التمرتين فقالت له: ((الولادة ربنا ماقسمها لينا ...ادينا ليها درويشك دا)) فرمت التمرتين فوقعن في حجر اختها التى كانت تجلس معها  فاكلتهم وشاء الله ان تنجب توأمين ذكور وتمضي هي في حالة عدم الانجاب حتى وفاتها

حاولنا ان نعرف اسم الرجل كاملا فلم نجد الا انه الفكي نصر وانه قريب للساده اولاد ميرغنى النجار  وان سنجه كانت تري فيه رجلا صالحا زاهدا ذو كرامات وتلتمس البركة منه وبنى له ضريح بمقابر سنجه وسميت المقبرة باسمه
 

0 التعليقات:

إرسال تعليق